Books talk :اعارة الكتب/ ترشيح الكتب : مسألة أكثر تعقيدا مما تبدو عليه
اعارة الكتب هي من الامور الاكثر صعوبة بالنسبة للقراء ، الصعوبة تكمن في نقطتين اراهما مصيريتين :
•التخلي الجزئي عن الكتاب و كما يقال ، احمق من يعير كتاب و احمق من يرجعه ، كلنا ممرنا بتلك التجربة المؤلمة التي خسرنا فيها أحد اطفالنا او عاد الينا الكتاب بعد سنوات من الاعارة ممزقا و مشوه .. اول سؤال يقفز الى ذهني عند طلب احدهم ان ارشح له كتابا و اعيره اياه هو " هل سأتمكن حقا من اخراج الكتاب من مكتبتي ؟ "
رغم ان حجب المعرفة - على بساطتها - من الامور السيئة بالنسبة لي ، و في تقديري ، الا ان سلوك بعض القراء قد يكون أسوء
• الفكرة الثانية مفادها ، كيف سأختار كتابا يتوافق مع انتظارات الاخر مني ؟
اختيار الكتاب ، او ترشيح الكتب قد يكون مرتبطا بالأساس بمدى معرفتي بذلك الشخص
اكاد أجزم ان العديد من العلاقات بين القراء قامت بعد معرفة ذوق الاخر في القراءة او الانتماء الى نفس الذوق نوعا ما .
المهم ان مسألة ترشيح الكتب هذه مسألة في غاية التعقيد و يجب العمل عليها بطرق عديدة .
1. عندما يكون القارئ مبتدأ ، و هنا سيكون الحمل أثقل ، حيث انك باختيارك ستؤثر في مسار و مستقبل القراءة بالنسبة له
كم من شخص عزف عن القراءة بسبب اختيارات الوزارة السيئة جدا للكتب التي فرضت علينا "كمحصل للاعداد"
كم من تلميذ ، كانت حصة المطالعة بالنسبة له جحيم لا ينتهي
و مع التطور الذي ادخل على حياتنا ، صار التلاميذ يكتفون بنسخ تلاخيص خاوية لروايات كتبها رواة عالميون ، لكنها لا تتناسب مع اعمارهم او افكارهم او اختيرت بسبب قلة عدد صفحاتها ؟
شوه جيل كامل من القراء بسبب هذه السياسات الفقيرة تجاه الكتب.
اذكر اني كنت ادرس في السنة الثالثة ثانوي شعبة اداب و كنت عندها حديثة العهد بالشعبة ، وجدتني في اول السنة استلم عملا ضخم ، كان اساسه ان احلل عمل madame Bovary de Gustave Flaubert .
كتاب يتضمن حوالي ال 500 صفحة ، بكتابة ميكروسكوبية ، مع فرنسية صعبة ، كنت احيانا اقرأ صفحة كاملة دون ان أفهم حرفا و كان حالي احسن من حال الكثيرين ، حيث ان الاستاذة وزعت علينا كتب و اعمالا لقامات في الادب الفرنسي .
المهم ، اني اعدت الكتاب في اخر السنة و لن انجز العمل ( ولم ينجزه أحد ) بكره و حقد تام لهذه الرواية التي بحثت عليها لاشهر فيما بعد حتى احصل على نسخة منها .
المهم ، لنعد الى موضوعنا ،ترشيح الكتب لمبتدئين ، امر في غاية الدقة ، يحب ان نراعي فيه موضوع الكتاب ، و حجمه و الكاتب و مدى شهرة العمل و غيره
يعني ان امكانية تقبل الكتاب اذا تم تحويله الى عمل مصور سيكون اقرب و اكثر واقعية .
موضوع الكتاب و مدى سلاسته و لغته ، يعني انك لن تقترح على قارئ مبتدأ مائة عام من العزلة و او الغريب ..
الابتعاد قد الامكان عن السوقية و الابتذال ، من خلال الروايات الفارغة المحتوى المنتشرة في العديد من الڨروبات و " حك راسك ولي كاتب ، لكل أخطاك منهم "
كلنا قرأنا لأحلام المستغانمي و اثير النشمي ، اي و انا افتخر بالامر ، كبداية لكن هذا لا يعني الاستمرار على نفس الخط في القراءة
كما ان احلام كمثال ، بعيدة كل البعد عن كتب كحبيبي داعشي و في قلبي انثى عبرية ، التي لا وظيفة لها سوى نشر و تبيض اديولوجيا ما ( هذا الرأي يلزمني )
المهم انك في النهاية ستحاول التغلب ودعلى هذه المهمة الصعبة و ترشح كتب لا كتابا واحدا يبدأ القراء الحديث العهد بالكتب بقراءته .
اما بالنسبة الي القراء ال" محترفون " دود الكتب ، الامر اكثر صعوبة ، فانت باختيارك و ترشيحك لكتاب ما ستنقل له جزء من افكارك و تصوراتك و رؤيتك .. جزء من روحك و فكرك و نظرتك للامور .
و قد يوقعك هذا الترشيح في امرين :
•يمكن ان تفقد موضوعيتك و " تحرقلو الكتاب " لشدة تأثرك بالعمل و هو امر شائع جدا.
•كما هذا الاختيار قد يؤثر على علاقتك به سواء بالسلب او
الايجاب. ستكشف عن جزء من افكارك التي قد تتفق مع الاخر او لا. و هذا شائع جدا مع الكتب الدينية او الايديولوجية او الجنسية.
و هو في الجانبين ، امر جيد ، يسمح لك بالتعمق في افكار الاخر المخالف و مزيد معرفته.
و اظن ان كل قارئ عاش هذه الحالة على الاقل مرة ، عشتها انا مع كتب حيدر حيدر لسبب او لآخر.
في الاخير ، ان مهمة ترشيح الكتب و اعارتها هو واجب لكل من يريد خدمة الثقافة ، حيث ان اخفاء المعرفة وجه من وجوه الانانية ، و لكن هذه العملية ليست بسيطة كما يظن الكثيرون فهي عملية معقدة ترتبط بمدى معرفتك و ثقتك في المتقبل و مدى ادراكك لشخصيته و افكاره.