هلوسات : رحيل
أحسست البارحة بألم يمزقني و فوران و صعوبة بالغة في التنفس ، ثلاث دقائق من الصراع ثم استرجعت صحتي و ذهبت كل الألام
منذ تلك الحادثة صرت أخف و أنقى ، ذهبت كل الامي فجأة و لم تعد ذاكرتي تزعجني
صرت في حالة صحية لم يسبق لي ان كنت عليها من قبل ، ولدت مريضة ، لم اطق يوما فصل الشتاء ، الشتاء مثل لي قناع أكسجين ، و اماكن زرقاء للحقن و علب أوراق الانف و ندوب النحل
كنت اكتئب بمجرد حلوله .. المهم صرت في حالة رائعة ، صدقا لم تعد رجلايا منتفختان .. كنت مولعة بالمشي السريع في الشوارع ، لا ليست هواية او تسلية او رياضة ، من يولد مثلي و في نفس ظروفي يحتم عليه الركض دائما خلف كل شيء ، خلف الحافلة ، خلف الوقت ، خلف الحلم ، خلف النجاة ... حتم عليا الركض حالة استنفار قصوى جسدية .
يدايا ، معاصمي بالتحديد ، كانتا في حالة نزاع تام مع ذاتي ، احيانا أرغب في نزعهما لترتاحا و تتركانني ، استعمل كلتاهما ، لكل شيء من له نفس ظروفي سيطوع كل جسده ليكمل كل شيء في الوقت
المهم ، اني منذ البارحة لم اشعر بالمي الروتيني ، كل الروتين اختفى ، حتى اني لم اسقط هذا الصباح كعادتي في اتجاه الحمام ، انا اصلا لم أشعر برغبة في التبول
منذ البارحة لم يخاطبني أحد ، امر مؤسف ، صرت اكثر وحدة ، حتى امي لم تزعجني بأسئلة لا تنتهي ، لم تعد لي الطعام و أنا لم اطلب ، لم تبحث عني حتى .. كانت شاردة غائبة عن الوجود حتى اني عندما رغبة في ان أنام في حضنها ، لم تقم باحكام يديها على جسدي ... امي لا تدقن كل أمور الحب هذه و شكلياته لكن لها حضن رائع يتسع لكل الكون ..
حبيبي ، البعيد لم يتلقى رسائلي ، يواصل الى حدود الان بعث رسائل خوف و ترقب ، كأنه يرفض قراءة ما أكتبه أنا بخير اقول و يقول اين انت ، خلل بالفايسبوك كالعادة ، اتصلت به ، كنت اردد اني بخير لكنه لم يتلقى صوتي ، ظل يصرخ باسمي ، الاسمان معا ، عندماسمعت كلمة مريم ، أدركت أننا في موقف صعب ، لا يستعمل اسمي الاداري الى عند الحالات القصوى .. وضع غريب ، اغلقت الخط .
خالتي هنا ، هي و الكثير من النساء ، كلهن يرفضن محادثتي ، لم اكن فتاة صالحة يوما ، لكني كنت مثالا في العائلة ، استطعت تكوين حياتين او اكثر ، لم اخيب ظن احد ، و الاهم لم اخيب ظن نفسي يوما .
كلهن غاضبات مني ، حتى عند صراخي و نحيبي لم يستدر احد .. لم أقم بشيء يستحق كل هذا الغضب
بيتنا الصغير ، امتلأ منذ البارحة ، تحديدا و بأكثر دقة منذ التاسعة و الصف ... اييه ، صوت غير مألوف يملأ المكان ، امي كانت اول المشككين في مدى ايماني ، اظنها الان تقوم باستفزازي تعاقبني لاجل جريمة لا ادركها
اصدقائي هنا ، امر غريب جدا ، رفاق لا اعرف عنهم الكثير ، و لم اكن اضن أنهم يعرفونني حتى ... فجأة سمعت صوت فيروز ، احدهم اوقف هذه المهزلة ، اعلم من الفاعلة ، صديقتي الجميلة و رفيقة دربي ، علا صوت فيروز ، عندي ثقة فيك ، عندي امل فيك و بيكفي .. ايام الاداب المعهد و الجامعة تعود ليّ ..
قلت مرة اني لا ارغب بالقرآن عند رحيلي ، بل الكثير من الموسيقى ، القرآن لمن يخاف ملاقاة الله ، اما أنا فسعيدة بهذا اللقاء ، ارفعوا شعارات الحب و الجمال و الثورة ، اريدها مسيرة او تظاهرة ، يأتي المعزون باجمل ما لديهم يغنون من اجل خلاصي و يرقصون و يقرؤون بعض مقاطعي المفضلة و يناقشون الكتب ..مهلا ، امرأة ما تتجه نحو فتاة تشبهني ، لها انفي و عيناي و شعري و شفتاي تمنعني من الدخول دون ان تنظر الي ... ايه ، الى اين تأخذونها ؟ من الفتاة و ماذا تفعل في منزلنا و لما تصر على سحبي خارجا معها .. نحن ذاهبتان .. انا اسير معها بكل طواعية ، ازلت عن وجهها الغطاء و تأملت ، فارقت رجلاي الارض ، نمت لي اجنحة و حاصرتني مجموعة من الاشكال الجميلة و اخذتني في مغامرة لن احدثكم عنها .. .. نسيت ان اخبركم أمرا مهما ، البارحة و بالتحديد عند الساعة التاسعة و عشر دقائق بعد تلك الحالة المريضة الشديدة .. رحلت .