هلوسات :جحيم الصيف

يستيقظون ، يشربون القهوة في مقهى ضخم لا يستحق ربع التكلفة، في سيارة خاصة او سيارة اجرة compteur ، يعودون الي المنزل
يستحمون ، يلبسون ملابسا يعادل ثمنها شيخوخة ابي لشهرين ، يضعون العطر ذو الماركات الفاخرة ، يتجهون نحو الشاطئ ، يسبحون و يسبحون و يسبحون ثم يلتقطون صورا رائعة بهواتف تجعل من اكثر الاشخاص قبحا ، رائع الجمال ..
المهم ، يتجهون نحو مطعم فاخر ، ليأكلوا اشياء ذات اسماء فرنسية / طلاسم غير مفهومة .. تأتي الوجبة ، في صحن ابيض نظيف واسع ، مقدار ال 200 غرام من اشياء لم اسمع عنها بعد
يأكلون ، و يتركون نصف الوجبة ثم يذهبون الى البيت ليناموا ..  و في الاثناء يضعون اغنية مألوفة المعاني بالنسبة لي " ملعون ابوك يا فقر حاوڨني للأنذال "
في الأثناء ، استيقظ انا بعد ان أكتفي من النوم على مرتبة مؤلمة ، اشرب قهوة تحاول امي وضع كمية قليلة من الحليب فيها ، تقدم لي قطعة خبز متحجرة  تتناسى احيانا جلبها لي .
اخرج احيانا ،انتظر قدوم الحافلة بلا امل ثم  اتشارك تاكسي مع ناس وقحين .
اذهب الي العمل عدد 6000 ، ينظر اليا رب العما ، يسألني عن وضعي العائلي و عن مدى رغبتي بالعمل و عن تجاربي السابقة .. في الحقيقة هو ، كمن سبقه يراني طريدة سهلة ، لا اب لها ، تحتاج الراتب اكثر من حاجتها للهواء و لها مؤهلات جسدية جيدة .. انظر اليه باحتقار و تقزز فيطلب مني الانتظار للاتصال لاحقا .
في الطريق الى العودة ، اذهب الى "الفريب" ، اصاب بالام بالغة  في اسفل ظهري من اجل فستان و حمالة صدر باثمان بخسة
اعود الي المنزل بندوب عديدة في رجلي ، فقط لاني لا املك ثمن التاكسي ، في الاثناء يتحول لوني تدريجيا الى البني الغامق ، سمرة تشبه سمرة البحر ، استغلها كرأسمال جيد للكذب لاحقا .
نعم !  اكذب احيانا ، لاحمي نفسي من نظراتهم المستصغرة ، لقد حضيت بعطلة رائعة حقا ..
اواصل المشي ، اصل الى موقف سيارات التاكسي الجماعي ، استقل واحدا ، ستلومني امي فيما بعد لاني لم انتظر الحافلة و اني مدللة " زيادة " و انها في مثل سني كانت تقطع الكيلمترات بدون تألم ولا شكوى .
اصل الي البيت ، اتناول الغذاء ، استلقي متأملة الغرفة ، انام ، اقلب قنوات التلفزيون ، امل ، اموت مللا ، اصرخ :" لقد مللت هذا الوضع " ترد هي ببرود " اخدم و امشي وين تحب "
- " شبي لاخرين يمشيو وين يحبو و ميخدموش "
- " هاكا الي كتب ربي "
-" سيب ربي ، خاطيه ، انت تحب هاكا كل صيف تحسسني انو الصيف مكانش موجود فالفصول و فاجأكم ، نحب نصيف كالخلق "
-" كي تخدم صيف "
-" لواه عندي عايلة مالا ؟ نزمر بيكم ؟ الكثرة و قلة البركة "
-" موش عاجبك هاكا الموجود "
-" موش موجود ، انت تحبو هاكا ، يا ربي كي انت جايبني لشقا هزني ، مقتلكش نحب نجي "
-" اكفر ، اكفر "
-" بيني و بينو ، انت مدخلكش ، نحب نبحر ، نحب نخرج و نشوف و نشري و ناكل كيفهم ، نعيش نهار و بعد ميسالش "
-" كي تخدم ، اعمل الي تحب ، انا معندي منعملك "
-" انت تعرف كان تتفخر بيا ، بنتي و بنتي قدام الناس ، و انا مش انانية و مش بنت حرام ولا راني عملت عملة  تفهم بيها  اش معناها اخدم تو تخرج ، انت تعرفني منجمش نخرج خاطرني محولة ، كي نستقر تو نخدم منغير ما تذلني ، انا نصرف على روحي عندي سنين و انت تعرف و تعرف ندبر في راسي .. اما زايد "
-" عاملة عليا مزية محسوب "
-" اصلا الصيف مش للي كيفنا ، منفهمش علاش تجيبو الصغار كي معندكمش ، علاش ؟ باش نتهانو و نتعذبو .. و تو مبقاش تكلمني ، متكلمنيش خليني منتكلمش كلام غالط تكبش فيه انت و تنسى المشكل الاصلي "
و تنتهي المحادثة الروتينية ، تنتهي ككل مرة ، لا حلول و لا مواسات ، فقط الكثير مت الملل و السخط ،
السخط و النقمة ، لا على الاشخاص في حد ذاتهم بل على الظروف التي جعت من الكثيرين ، اموات احياء ، لا شيء لهم ولا حصة سواء المرض و الملل و الالم و الفقر و الوحدة و الحرمان ..  كبش فداء المجتمع .
م.ط